تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : من العراق إلى غزة ... توني بلير يعود للشرق الأوسط
source icon

سبوت

.

من العراق إلى غزة ... توني بلير يعود للشرق الأوسط

كتب:محمد أبوبكر

أعادت أنباء تعيين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير عضوًا في لجنة دولية مقترحة لإدارة شؤون قطاع غزة، الجدل حول دوره القديم والمثير في الشرق الأوسط. فبعد أكثر من عقدين على غزو العراق، يجد بلير نفسه من جديد في قلب واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في العالم، ضمن خطة أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة من خلال إنشاء "مجلس سلام" يقوده بنفسه، ويُتوقع أن يلعب فيه بلير دورًا رئيسيًا.

هذه العودة المفاجئة إلى مسرح الصراع فتحت الباب أمام تساؤلات حول مغزى اختيار شخصية ارتبط اسمها بحروب دامية لتقود مسارًا يُفترض أنه للسلام.

خطة ترامب... سلام أم وصاية دولية؟

قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية،إن الخطة التي طرحها ترامب تقوم على تشكيل لجنة دولية تتولى الإشراف على مرحلة انتقالية في غزة بعد وقف الحرب ونزع سلاح حماس،تمهيدًا لإعادة الإعمار بإدارة حكومة تكنوقراط تخضع لمراقبة "مجلس السلام".

وأوضح أن أطرافًا فلسطينية رفضت بشدة فكرة إشراك بلير في أي دور داخل القطاع ، إذ صرّح القيادي في حركة حماس طاهر النونو بأن "الشعب الفلسطيني قادر على إدارة شؤونه دون وصاية أجنبية"، واصفًا عودة بلير بأنها شكل جديد من أشكال الاستعمار".

إرث العراق يلاحق بلير

واستطرد " فهمي " قائلا: "لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يثير فيها توني بلير الجدل في العالم العربي ، فقد ظل اسمه مقترنًا بحرب العراق التي خاضتها بريطانيا إلى جانب الولايات المتحدة عام 2003، بناءً على مزاعم امتلاك نظام صدام حسين أسلحة دمار شامل" .

وقال :" رغم مرور أكثر من عشرين عامًا على تلك الحرب، فإن نتائجها الكارثية ما زالت تلاحقه ، إذ خلص تقرير "تشيلكوت" البريطاني عام 2016 إلى أن قرار الحرب لم يستند إلى معلومات استخباراتية كافية، وأن بلير بالغ في تقييم التهديد العراقي وضلل الرأي العام.

وأوضح أن هذا الإرث جعل الكثيرين في المنطقة ينظرون إليه كأحد المسؤولين عن زعزعة استقرار الشرق الأوسط، فيما وصفه معارضون في بريطانيا بأنه "مجرم حرب" يستحق المساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

من وعود الإصلاح إلى فشل الرباعية الدولية

بدوره،استعرض المفكر السياسي الدكتور جمال عبدالجواد  دور بلير عقب استقالته من رئاسة الوزراء عام 2007، وتوليه منصب مبعوث اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط، والتي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

وأكد أن سنوات عمل بلير الثماني في هذا المنصب لم تُسفر عن أية نتائج ملموسة، بل اتُّهم بالانحياز الواضح لإسرائيل، وبالتعامل مع القضية الفلسطينية باعتبارها مشروعًا اقتصاديًا لا سياسيًا ، موضحا أن  تجربته السابقة تُظهر عجزه عن تحقيق توازن بين الأطراف، ما يجعل فرص نجاحه في أية مبادرة جديدة محدودة للغاية.

بلير بين المصالح السياسية والاقتصادية

وقال "عبدالجواد" إن بعد مغادرة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق - المشهد السياسي الرسمي - أسس بلير "معهد التغيير العالمي" الذي يقدم استشارات للحكومات والشركات حول الإصلاح والسياسات العامة، كما شغل منصب مستشار لبنك "جيه بي مورجان"، وتلقى دعمًا ماليًا من رجال أعمال كبار، وقد أثارت هذه  الأنشطة انتقادات واسعة بشأن تضارب المصالح بين دوره كسياسي سابق ومشاركته في مشاريع ذات طابع تجاري ، خصوصًا بعدما أشارت تقارير إلى تورط معهد بلير في إعداد مقترحات لإعادة إعمار غزة بمشاركة مستثمرين إسرائيليين — وهي تقارير نفاها المعهد لاحقًا.

إرث الانتداب البريطاني يعود إلى الواجهة

فيما أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أشرف أبوالهول أن فكرة تكليف بلير بمهمة إشرافية على غزة تحمل رمزية تاريخية حساسة، إذ تذكّر بفترة الانتداب البريطاني على فلسطين في بدايات القرن العشرين، مشيرا إلى أنه منذ وعد بلفور عام 1917، لعبت لندن دورًا محوريًا في صياغة ملامح الصراع العربي - الإسرائيلي، ما يجعل عودة شخصية بريطانية بهذا الثقل السياسي إلى إدارة شؤون غزة بمثابة إعادة إنتاج جديد من الوصاية الأجنبية، وإن كان بغطاء دولي معاصر.

انتقادات عربية.. استمرار للدور المشبوه

وأشار أبو الهول إلى أن توني بلير سياسي تحكمه المصالح الشخصية، مؤكدًا أن الرجل "لم يكتفِ بدوره في إشعال حرب العراق، بل يسعى اليوم وراء مكاسب سياسية واقتصادية في غزة".

وأوضح أن بلير يحاول دائمًا "إخفاء تاريخه المظلم عبر أدوار دبلوماسية ظاهرها إنساني وباطنها اقتصادي"، مشيرًا إلى أنه يمثل نموذجًا لـ"السياسيين الذين يتنقلون بين المواقف بحثًا عن مصالحهم دون اعتبار للمبادئ الأخلاقية أو لتبعات قراراتهم على الشعوب".

بين الشكوك والطموحات

وقال المحلل السياسي إن عودته قد تفتح نافذة جديدة لإحياء جهود السلام، يؤكد منتقدوه أن التجربة ستعيد أخطاء الماضي في ثوب جديد،  ويبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن لسياسي ارتبط اسمه بالحروب والدمار أن يقود مشروعًا للسلام في أكثر مناطق العالم اشتعالًا؟

حتى الآن، لا تبدو الإجابة واضحة، لكن المؤكد أن اسم توني بلير سيظل مثار جدل مستمر، وأن أي دور جديد له في غزة سيعيد إلى الأذهان تاريخًا طويلًا من القرارات المثيرة والنتائج الكارثية التي لم يبرأ منها حتى اليوم.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية